وزارة أوقاف الأردن وقرار إيقاف مركز الألباني

تكبير الخط تصغير الخط

دائما ما أتحدث عن استهداف السلفية في العالم ، فكثير من المراكز في الغرب وفي الشرق متخصصة في إثارة الشبهات وتوجيهها بشكل مكثف نحو السلفية ، إضافة إلى المخططات الدولية كإشاعة الإرهاب ورمي السلفية به والدعم الخفي من المخابرات العالمية للجماعات الإرهابية وتصنيفها بالسلفية .

  وفي السنوات المتأخرة والتي شاعت فيها مزاعم حرية الرأي والدعاية الإبراهيمية الوحدوية بزعمهم كانت الحملة فيها أكبر وأشد ، سواء أكان ذلك من منظري الشيعة الذين هم أشد الناس عداء للسلفيين ، وأقول أشد الناس لأنني لا أستثني اليهود والنصارى ، فمنظروا الشيعة أعدى للمسلمين جميعاً من اليهود والنصارى وليس للسلفيين وحسب ؛ هذا مع أن غير السلفيين ممن يحسبون على أهل السنة كالصوفية والأشعرية والماتوريدية باردون في عدائهم لهم وظهر منهم حديثاً من ليس لا يناصبهم شيئاً من العداء ،هذا مع أن الشيعة لا يفرقون بينهم وبين السلفيين في العداء وإنما يسكتون عنهم جرياً على خُطَّة لمزيد من استعداء الناس ضد السلفيين ، ولمزيد أيضا من محاولتهم اختراق أهل السنة ومن ثَمَّ تشييعهم. 

أتكلم بهذا اليوم لأتحدث عن إغلاق المراكز السلفية في المملكة الأردنية الهاشمية ، حيث تم الإعلان فيها عن إغلاق آخر مركز وهو مركز الشيخ ناصر الدين الألباني للدراسات والأبحاث ، هذا الإغلاق المستند رسمياً إلى أمور غير صحيحة من الكذب الذي يُسأل عنه صاحبُه يوم القيامة ؛ ومن كَذَبه هو أعرف الناس ببراءة السلفية مما قال ؛ فهو  يقول في مبررات القرار : ” إشارة إلى قيام مركزكم بأنشطة وتدريس ونشر أفكار تتعارض مع الفكر الديني العام للمجتمع الأردني …” ولم يذكر  ما هو الفكر الديني العام الذي ينتشر في الأردن ، وتخالفه أنشطة المركز ؛ هل هو السمع والطاعة لمن ولاه الله تعالى الأمر في غير معصية الله ، وعدم الخروج عليه إلا أن يرى الناس منه كفراً بواحاً ؛ وهو أصل عظيم من أصول المنهج السلفي ، ويُعجبُ السياسيين في العصر الحاضر كثيراً ؛ ولا أظنه هو المقصود لأنه المشهور عن السلفيين ، والشيخ ناصر الدين الألباني من أعظم المنادين به ، بل لم يوجد من ينادي به في بلاد الشام كلها سواه ، كما لا أرى أن هذه القيمة من أصول المجتمع الأردني ، فهو قبل الاحتلال البريطاني وقبل الحياة المعاصرة كان يعيش في معظمه حياة بدوية تغلب فيها الحروب والثارات ، وأما أهل الحاضرة فكانت علاقتهم بالدولة العثمانية ضعيفة ومحدودة جداً ، ولم تظهر طاعة ولي الأمر كفكرة دينية إلا مع ظهور السلفية هناك ؛ ولم تكن الأشعرية ولا الصوفية بقادرتين على إظهارها ، وإن كانت الفكرة في أساسها موجودة عند جميع الفقهاء . 

أم أن إعذار المركزِ المخالفَ بالجهل أو التقليد أو غير ذلك من الأعذار ، هو القيمة التي تتعارض مع فكر المجتمع الديني !

 ومعلوم من سياسات المركز بيان جهل الجاهل وتقليد المقلد ، ولا يتنازلون بحال من الأحوال لقوله أو فعله ، لكنهم يعذرونه بمخالفته لهم إن خالفهم بعذر مستساغ ؛ فإن كان هذا فقد صدقوا ، إذ إن إعذار المخالف قيمة أصيلة عند السلفيين ،لكننا عند التأمل لا نجد ذلك سببا؛ ذلك أن السياسيين يبحثون عمن يرسخ هذه القيمة في مجتمعاتهم ، ولا نعرف أولى بذلك من المنهج السلفي وبخاصة مركز الشيخ الألباني للبحوث والدراسات . 

أم كان الفكر الديني العام للمجتمع الأردني هو بدع المتصوفة كدعاء أهل القبور من دون الله تعالى والذبح لهم ، وإقامة الحضرات للذكر ، والموالد المتنوعة للرسول ولمن بعد الرسول ، والذكر المنحرف عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذه كلها أيضا لم تكن وفق علمنا فكراً في المجتمع الأردني ، إذ إنه كما قدمت كان مجتمعاً في غالبه بدوياً لا يعرف هذه الاجتماعات الصوفية ، أما الحاضرة فقد كانت لديهم كثير من هذه البدع التي لا تصل بهم إلى أن يسموا مجتمعاً صوفيا ، ولديهم أيضا من العلماء الذين لم يكونوا يؤمنون بهذه البدع ، بل ويحاربونها أيضا ، ومن أمثلتهم الشيخ عثمان الشنقيطي والشيخ محمد الخضر الشنقيطي  الذي كان مفتياً للملك عبد الله بن الحسين ، وكانت له ردود على الطائفة التيجانية الصوفية وكان الملك بنفسه يُعد سلفياً  ، والشيخ عبد الله القلقيلي ، وكان مفتياً للبلاد في حينه حتى عام ١٣٨٧ للهجرة ، وكان الذي أسند إليه المنصب الملك الحسين بن طلال سنة ١٣٧٥ للهجرة ، وكذلك مفتي الزرقاء يوسف البرقاوي الذي من مؤلفاته التي نتمنى من المسؤولين في الأردن نشرها على أوسع نطاق “الإسلام والغلو في الدين”. 

المهم أن الغالبية العظمى من الأردنيين لم يكونوا صوفية ، وإن كان هناك حضور للصوفية فلم يكن يمثل المجتمع . 

أم أن الفكر الديني للمجتمع هو إنكار صفات الله سبحانه وتعالى ، وتأويلها إلى المجاز ، وادِّعاء أن القول بحقيقتها خطأ ومنكر من القول ، ونحن لا نريد أن تكثر هنا من الرد لأن الردود كثيرة ، ولا يقف في المناظرة أحد في وجه السلفيين الذين يقولون بتنزيه الله تعالى عن أن يقول مالا يقصد حقيقته إلا إن يبين ذلك بقرينة ، أما أن نقول: إن الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، فهذه نظرتنا إلى الله تعالى التي ننزهه ونمجده بها ، ونرفع أيدينا إليه عند دعائه إيماناً بعلوه ، وكيف لا ، وقد احتار الأشاعرة ومن شابههم في حديث الجارية عندما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أين الله) فقالت:” في السماء ” فقال:(أعتقها فإنها مؤمنة ) فضعفوا الحديث مع أنه في مسلم  وكثير من كتب السنة ، وقالوا : إنها كانت جارية غير مكلفة ، وقالوا إنها مجنونة … إلى غير ذلك من الهراء ؛ لَكِنَّ الذين يخافون ربهم من فوقهم كما جاء في كتاب الله لا ينكرون علوه . 

و أيضا فليست الأشعرية من فكر المجتمع الديني أبدا ولا يمكن أن تكون كذلك ، لأن المجتمع يسير على دين العجائز كما قال الجويني عند موته وكما رُوي عن عدد من أساطين الأشاعرة كالسمعاني والغزالي والرازي ، وغيرهم من الذين لا يتكلمون إلا حينما تأتيهم غرغرة الموت نسأل الله الرحمة لنا ولهم ، فأقول إن المجتمع على الاعتقاد بالله كما وصف نفسه وكما وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأي مسلم سَهْلٍ لم تدخله تشقيقات المتكلمين حينما يُسألُ عن علو الله ويد الله وبقاء الله وقدرته تعالى وعلمه ومكانه سبحانه ورحمته وغضبه ورضاه وصوته وغير ذلك من الصفات ،سوف يجيبك بما يقوله لك أكبر علماء السلفية ، ولهذا فليس فكر الأشعرية فكراً لأي مجتمع مسلم ، سواء أكان متدينا أم غير متدين ؛ فالقول بأن ما ينشره مركز الألباني مخالف لفكر المجتمع الديني ، كلام لا يدخل عقلا ولا يقنع واحداً فيه خير . 

أم تقولون : إن التفجير والإرهاب والثورات والقتل بغير الحق هي من صنع السلفية ؟ 

ولو قلتم ذلك ولا أظنكم تقولونه ، لكنتم ، وحاشاكم أن تكونوا ، أكذب الناس على الناس وعلى أنفسكم ؛ وذلك أن جميع أجهزة المخابرات في العالم ولا أستثني الأردنية منها تعلم أن السلفية بريئة من هذا كله ؛ وهي تعلم :أين يقيم رؤساؤهم “في إيران” وأين يعالج جرحاهم ” في طهران وتل أبيب” ، والشيخ الألباني رحمه الله هو من وقف وتلامذته في وجه هذه الأفكار وتلك المؤامرات التي اجتاحت بلادكم وبلادنا بل وجميع البلاد العربية والإفريقية ؛ والجميع يعلم أنه لم يكتب أحد مثل كتابة السلفيين في هذه القضايا ، وعندكم الشيخ مشهور حسن والشيخ علي الحلبي رحمه الله وانظروا ماذا كتبا ، ليتيقن من أراد اليقين أن السلفية منهج دعوي أولاً ودعوي ثانياً ودعوي ثالثاً ، وأن القوة في الدولة وليست في الناس ، ولا ينبغي أن تكون القوة في الناس ، وأن الخروج عن طاعة الحاكم لا يُنتج إلا وبالاً ، سواء أأرضانا الحاكم أم أسخطنا ، وأن التغيير لا يكون إلا بالدعوة ، هذا هو المنهج الذي تغلقون مراكزه وتتقوون عليه ، وقوته بالله وحده نسأل الله أن يعز سنته .

وهنا يحضرني من كتب الشيخ علي الحلبي : صرخة نذير عن خطر التكفير ،والتبصير بقواعد التكفير ،وهذه هي السلفية دعوة الإيمان والأمان . 

ثُم قولكم إن أنشطة المركز تمس الثوابت الدينية والعقدية ، فأي ثوابت دينية وعقدية مست ؟ هذا المركز إنتاجه من الكتب والخطب والمناقشات منشور ، ولم يقل أي مواطن أردني فيه شيئا ، سوى أناس لهم من طلب العلم نصيب ومن الغل على منهج سلف الأمة نصيب أكبر ، كانوا هم وراء هذا اللعب بالوزارة وتسخير قراراتها لما يخدم أهدافهم ، ويظنون أنها أهدافهم وحدهم ، ولا يعلمون أنها من أهداف مركز الشرق الأوسط للدراسات ومركز كارنيجي ومركز مكافحة الجهاد وغاية أهداف مؤسسة راند ، وذلك خدمةٌ من تلك الدور للتشيع الذي أبت الأردن أن تفتح بابها له رغم محاولات إيران المتعددة ، وكان هؤلاء السلفيين بالإضافة إلى دور الوطنيين من الأردنيين كان دور عظيم في تهذيب المجتمع من هذه الفتنة التي كانت ترعد وتبرق قريبا من الأردن ؛ ونحن نعلم أن ملك الأردن من أوائل من حذروا من الهلال الشيعي المتربص ، وكان السلفيون من أوائل من بادر إلى خدمة هذه الرؤية العظيمة التي وافقت توجههم . 

نحن نسأل الله العظيم أن يهدي حكومات المسلمين إلى كل خير ، وأن يهدي وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن إلى خدمة الإسلام والمسلمين .

التعليقات

رد واحد على “وزارة أوقاف الأردن وقرار إيقاف مركز الألباني”

  1. يقول أشرف بن صابر:

    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.
    لعل هذا إرادة خير بالمركز والقائمين عليه.
    وليست المصيبة في هؤلاء المخالفين للمنهج السلفي، وإنما المصيبة كل المصيبة في أبناء الدعوة السلفية الذين فرحوا بهذا القرار، وراحوا ينشرون الخبر في صفحاتهم ومنتداياتهم فرحين به ومسرورين، وهذا يدل على جهل هؤلاء بالدعوة وما يحاك لها، والله المستعان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.